الامام الهادي(عليه السلام) في سطور

(وقت القراءة: 3 - 6 دقائق)

ولد (عليه ‌السلام) للنصف من ذي الحجة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين.
وكانت ولادته(عليه ‌السلام) في قرية ( صريا ) التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال .
يكنى الإمام(عليه‌ السلام) بأبي الحسن ، وتمييزا له عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما ‌السلام) يقال له أبو الحسن الثالث .
أما ألقابه فهي : الهادي والنقي وهما أشهر ألقابه ، والمرتضى ، والفتاح ، والناصح ، والمتوكل ، وقد منع شيعته من أن ينادوه به لأن الخليفة العباسي كان يلقب به.
وفي المناقب ذكر الألقاب التالية : النجيب ، الهادي ، المرتضى ، النقي ، العالم ، الفقيه ، الأمين ، المؤتمن ، الطيب ، العسكري ، وقد عرف هو وابنه بالعسكريين(عليهما ‌السلام) .
يمكن تقسيم حياة الإمام الهادي(عليه‌ السلام) التي ناهزت الأربعين سنة إلى مراحل متعددة بلحاظ طبيعة مواقفه وطبيعة الظروف التي كانت تحيط به .
والمرحلة الأولى من حياة الإمام الهادي(عليه ‌السلام) تتمثل في الحقبة الزمنية التي عاشها في ظلال إمامة أبيه الجواد(عليه‌ السلام) وهي بين (٢١٢ ه) إلى (٢٢٠ ه) ويبلغ أقصاها ثمان سنوات تقريبا .
وقد عاصر فيها كلا من : المأمون والمعتصم العباسيين .
والمرحلة الثانية تتمثل في الفترة الزمنية بين توليه(عليه ‌السلام) لمنصب الإمامة في نهاية سنة (٢٢٠ ه) والى حين استشهاده(عليه‌ السلام) في سنة (٢٥٤ ه) وهي أربع وثلاثون سنة تقريبا .
وقد عاصر في هذه الفترة ستة من ملوك بني العباس ، وهم على الترتيب :
١  المعتصم (٢١٨  ٢٢٧ ه) .
٢  الواثق (٢٢٧  ٢٣٢ ه) .
٣  المتوكل (٢٣٢  ٢٤٧ ه).
٤  المنتصر (٢٤٧  ٢٤٨ ه).
٥  المستعين (٢٤٨  ٢٥٢ ه) .
٦  المعتز (٢٥٢  ٢٥٥ ه) .
قد مارس(عليه السلام) نشاطا مكثفا لإعداد الجماعة الصالحة ، وتحصين هذا الخط ضد التحديات التي كانت توجه إليه باستمرار ، وعمد على تكثيف نشاطه من محورين اساسيين:
الأول منهما : يرتبط بالخلافة المزيفة ، فقد تصدى لتعريتها عن التحصينات التي بدأ الخلفاء يحصنون بها أنفسهم من خلال دعم وتأييد طبقة من المحدثين والعلماء ( وهم وعاظ السلاطين ) لهؤلاء الخلفاء وتقديم صنوف التأييد والولاء لهم من أجل إسباغ الصبغة الشرعية على زعامتهم بعد أن استطاع الأئمة في المرحلة الأولى أن يكشفوا زيف خط الخلافة ويشعروا الأمة بمضاعفات الانحراف الذي حصل في مركز القيادة بعد الرسول الأعظم(صلى ‌الله‌ عليه ‌و اله ‌وسلم) .
والثاني منهما : يرتبط ببناء الجماعة الصالحة والذي أرسيت دعائمه في المرحلة الأولى ، فقد (عليه السلام) في هذه المرحلة إلى تحديد الإطار التفصيلي وإيضاح معالم الخط الرسالي الذي اؤتمن الأئمة الأطهار(عليهم‌ السلام) عليه ، والذي تمثل في تبيين ونشر معالم النظرية الإسلامية وتربية عدة أجيال من العلماء على أساس الثقافة الإسلامية التي استوعبها الأئمة الأطهار في قبال الخط الثقافي الذي استحدثه وعاظ السلاطين .
هذا فضلا عن تصديه (عليه السلام) لدفع الشبهات وكشف زيف الفرق التي استحدثت من قبل خط الخلافة أو غيره، وكانت من ابرز الشبهات ان ذاك شبهة خلق القران الكريم فلقد عمت الأمة فتنة كبرى زمن المأمون والمعتصم والواثق بامتحان الناس بخلق القران وكانت هذه المسألة مسألة يتوقف عليها مصير الأمة الإسلامية ، وقد بين الإمام الهادي(عليه‌السلام) الرأي السديد في هذه المناورة السياسية التي ابتدعتها السلطة ، فقد روي عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطين أنه قال : كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه ‌السلام)إلى بعض شيعته ببغداد :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، عصمنا الله وإياك من الفتنة فإن يفعل فأعظم بها نعمة وإلا يفعل فهي الهلكة نحن نرى أن الجدال في القران بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلا الله وما سواه مخلوق ، والقران كلام الله لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ) .
استشهاد الإمام الهادي(عليه‌ السلام) :
ظل الإمام الهادي(عليه‌ السلام) يعاني من ظلم الحكام وجورهم حتى دس إليه السم كما حدث لابائه الطاهرين ، وقد قال الإمام الحسن(عليه‌ السلام) :ما منا إلا مقتول أو مسموم .
قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في اخر ملكه ( أي المعتز ) ، استشهد ولي الله علي بن محمد(عليهما‌ السلام) .
وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد .
وقال المسعودي : وقيل إنه مات مسموما ، ويؤيد ذلك ما جاء في الدعاء الوارد في شهر رمضان : وضاعف العذاب على من شرك في دمه .
وقال سراج الدين الرفاعي في صحاح الأخبار : ( وتوفي شهيدا بالسم في خلافة المعتز العباسي)  .
وقال محمد عبد الغفار الحنفي في كتابه أئمة الهدى : ( فلما ذاعت شهرته-عليه‌ السلام- استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنورة حيث خاف على ملكه وزوال دولته وأخيرا دس إليه السم  ).
والصحيح أن المعتز هو الذي دس إليه السم وقتله به .
ويظهر أنه اعتل من أثر السم الذي سقي كما جاء فى رواية محمد بن الفرج عن أبي دعامة ، حيث قال : أتيت علي بن محمد(عليه‌ السلام) عائدا في علته التي كانت وفاته منها ، فلما هممت بالانصراف قال لي :يا أبا دعامة قد وجب علي حقك  ألا أحدثك بحديث تسر به ؟
قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله .
قال :حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن موسى  قال : حدثني أبي موسى بن جعفر قال : حدثني أبي جعفر بن محمد قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين  قال : حدثني أبي الحسين بن علي  قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم‌ السلام)  قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : يا علي اكتب : فقلت : وما أكتب ؟
فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم الإيمان ما وقرته القلوب وصدقته الأعمال ، و الإسلام ما جرى على اللسان ، وحلت به المناكحة .
قال أبو دعامة : فقلت : يا ابن رسول الله ، والله ما أدري أيهما أحسن ؟
الحديث أم الإسناد ! فقال :إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب (عليه‌ السلام) وإملاء رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- نتوارثها صاغرا عن كابر .
قال المسعودي : واعتل أبو الحسن(عليه‌ السلام) علته التي مضى فيها فأحضر أبا محمد ابنه(عليه‌ السلام) فسلم إليه النور والحكمة ومواريث الأنبياء والسلاح .
ونص عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضى(عليه‌ السلام) وله أربعون سنة .
تاريخ استشهاده (عليه السلام) :
ذكر المفيد في (الإرشاد) ، والإربلي في( كشف الغمة) ، والطبرسي في (إعلام الورى) ، فقالوا : قبض(عليه ‌السلام) في رجب ، ولم يحددوا يومه .
وقال أبو جعفر الطوسي في مصابيحه ، وابن عياش ، وصاحب الدروس : إنه قبض بسر من رأى يوم الاثنين ثالث رجب ووافقهم الفتال النيسابوري في روضة الواعظين حيث قال : توفي (عليه ‌السلام) ب (سر من رأى) لثلاث ليال خلون نصف النهار من رجب ، وللزرندي قول : بأنه توفي يوم الاثنين الثالث عشر من رجب .
ولكن الكل متفقون على أنه استشهد في سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة .

المصدر: اعلام الهداية الامام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)/ بتصرف


طباعة   البريد الإلكتروني