الامام محمد بن علی الباقر (ع)
ـ هو الإمام الخامس من أئمّة أهل البيت ، ولد بالمدينة سنة 57 هـ ، وأمّه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ، قال الإمام الصادق : كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن مثلها ـ ولقب بالباقر ، لأنّه بقر العلم بقرا ، أيّ أظهر مخباته وأسراره ، ورث علم النبوّة عن آبائه وأجداده ، وكان مقصد العلماء من كلّ البلاد الإسلاميّة ، سواء منهم الشيعة والسنّة ، وكان ممّن يقصده سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة محدث مكّة ، وأبو حنيفة (1).ـ أولاده : كان له سبعة أولاد ، الإمام الصادق ، وعبد الله وأمّهما اُمّ فروة بنت القاسم
ولما ذاع فضل الإمام بين أهل الشام ، أمر الطاغية بإعتقاله في السجن وقد احتفّ به السجناء وهم يتلقّون من علومه وآدابه ، وخشي مدير السجن من الفتنة فبادر إلى هشام فأخبره بذلك فأمره بإخراجه من السجن ، وإرجاعه إلى بلده (1).هذا ما ورد في الرواية الأولى في مجيء الإمام (ع) إلى دمشق وما جرى له مع هشام.الرواية الثانية : رواها لوط بن يحيى الأسدي عن عمارة بن زيد الواقدي قال : حجّ هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين ، وكان قد حجّ فيها الإمام محمّد بن علي الباقر وابنه الإمام جعفر الصادق (ع) فقال جعفر أمام
أكّد الإمام الباقر عليه السلام في أحاديث مستفيضة على تكريس مبدأ الأخاء في الله طلباً لمرضاة الله ، وبين فضل ذلك في الدارين ، فقال عليه السلام : « من استفاد أخاً في الله على إيمان بالله ووفاء بأخائه طلباً لمرضاة الله ، فقد استفاد شعاعاً من نور الله ، وأماناً من عذاب الله ، وحجّة يفلج بها يوم القيامة ، وعزّاً باقياً وذكراً نامياً ، لأنّ المؤمن من الله عزّ وجلّ لا موصول ولا مفصول » (1).وأكّد على تعهّد الإخوان بالزيارة والتواصل والمصافحة ، وإيثارهم على النفس ، فقال عليه السلام : « إن لله عزّ
الامام محمد الباقر (ع) من أفذاذ العترة الطاهرة ، ومن أعلام أئمة أهل البيت (ع) ومن ابرز رجال الفكر والعلم في الاسلام فقد قام ـ فيما اجمع عليه المؤرخون ـ بدور إيجابي وفعال في تكوين الثقافة الاسلامية وتأسيس الحركة العلمية في الاسلام ، فقد تفرغ لبسط العلم واشاعته بين المسلمين في وقت كان الجمود الفكري قد ضرب نطاقه على جميع انحاء العالم الاسلامي ، ولم تعد هناك أية نهضة فكرية أو علمية ، فقد منيت الامة بثورات متلاحقة ، وانتفاضات شعبية كان مبعثها تارة التخلص من جور الحكم الاموي واضطهاده ، واخرى الطمع
رغم ابتعاد الإمام الباقر ، ومن قبله أبوه الإمام السجّاد عليهما السلام ، عن كل ما يمت بصلة إلى السلطة ورموز بلاطها ، إلاّ أنّه يمثل بالنسبة للسلطات الأُمويّة هاجساً من الخوف المشوب بالغيرة والحقد ونصب العداء ، ويدخل ذلك ضمن الثقافة التي توارثها الأبناء عن الآباء من رجالات السلطة ، ذلك لأنّهم يدركون خطورة النشاط الذي يمارسه عليها ، لكونه مصدر الوعي الإسلامي الصحيح ورائد الحركة الاصلاحية في الأُمّة ، التي تكنّ له التبجيل والاحترام ، فعملت السلطة على تصفيته جسدياً ، ولجأت إلى سلاحها المعهود
إذا كان العلم نور الله يقذفه في قلب من يشاء فما الذي يمنع عن قذف نور العلم في قلب أوليائه ، هكذا كان من مصادر علم الأئمة عليهم السلام الإلهام ، والذي ترافقه سكينة تجعلهم يثقون بأنه من عند الله.كذلك روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : إن علمنا غابر ومزبور ونكث في القلب ونقر في الأسماع ، قال : أما الغابر فما تقدم من علمنا ، وأما المزبور فما يأتينا ، وأما النكث في القلوب فإلهام ، وأما النقر في الأسماع فإنه من الملك.وروى زرارة مثل هذا الحديث وأضاف : قلت كيف يعلم أنه كان الملك ولا يخاف من
لا يختار الله عبداً لمقام الإمامة. ويجعله حجة بالغة على خلقه إلاّ إذا اكتملت فيه الخصال الجيّدة. وكان مثلاً لما أقر به سبحانه في كتابه من خشية الله وتوقيره. وتعظيمه وتجليله. وإخلاص العبودية له والتي تتجلى في جملة أقواله وأفعاله. فلا يقول إلاّ صواباً ولا يعمل إلاّ رشداً.
وإذا كنا ننقل بعض خصال الإمام الباقر عليه السلام الحميدة ، أو خصال أحد المعصومين عليهم السلام ، فلكي نأتي بالشواهد الواضحة التي تدلنا على أمثالها ، وليس لأننا نريد أن تختصر كل حياة الإمام فيها. أو نحصي فضائله وخصاله الحميدة ، كلا
يتميّز الأئمّة عليهم السلام بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم ـ مثل الأنبياء ـ معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة.وللإمام الباقر عليه السلام معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :الكرامة الأولى :عن عباد بن كثير البصري قال : قلت للباقر عليه السلام : ما حق المؤمن على الله ؟ فصرف وجهه ، فسألته عنه ثلاثاً ، فقال : من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت.
قال عباد : فنظرت