حياة الإمام موسى الكاظم (ع)

(وقت القراءة: 3 - 5 دقائق)

الإمام موسى الكاظم:- هو الامام السابع من ائمة اهل البيت، ولد بالابواء، وهو مكان بين مكة والمدينة في شهر صفر سنة 128 من الهجرة، واستشهد في بغداد بالسم في سجن هارون الرشيد سنة 183، ودفن في الجانب الغربي من بغداد، وتعرف اليوم المدينة التي فيها قبره الشريف بالكاظمية نسبة اليه، وأمه حميدة البربرية، وكنيته أبو إبراهيم، واشهر ألقابه الكاظم، لكظمه الغيظ، وصبره على ظلم الظالمين.- أولاده: له سبعة وثلاثون ولدا، 18 ذكرا، و 19 انثى، وهم الامام علي الرضا، وإبراهيم، والعباس، والقاسم، واسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسن، وأحمد، ومحمد، وحمزة، وعبد الله، واسحق، وعبيدالله، وزيد، والحسن، وسليمان، وفاطمة الكبرى، وفاطمة الصغرى، ورقية الكبرى، وحكيمة، وأم أبيها، ورقية الصغرى، وكلثم، وأم جعفر، ولبابة، وزينب، وخديجة، وعليه، وآمنة، وحسنة، وبريهة، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأم كلثوم من أمهات شتى.
وعاش مع أبيه 20 سنة، وبعده 35.
من مناقبه: كان أجل أولاد الامام الصادق قدرا، وأعظمهم محلا، وأبعدهم في الناس صيتا، ولم ير في زمانه أسخى منه، ولا أكرم نفسا، وكان يبلغه عن الرجل أنه ينال منه، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يضرب المثل بصرر الاموال التي يتصدق بها، حتى قيل. عجبا لمن جاء‌ته صرة موسى، فشكا الفقر!. ومر برجل فرآه كثيبا، فساله عن السبب؟. قال. لحقتني الديون من اجل حقل
/ صفحة 237 /
زرعته بطيخا، وقثاء، وقرعا، فلما استوى الزرع وقرب الخير جاء الجراد فاتى عليه، ولم يبق منه شيئا، فذهب الزرع، وبقيت الديون. فأعطاه الامام ما كان يأمله من زرعه، فوفى ديونه، وبقيت معه فضلة، جعل الله فيها البركة، كما حدث صاحب الزرع.
وكان كآبائه واجداده يتفقد الفقراء، ويحمل إليهم في الليل الطعام والمال، وهم لا يعرفونه، وكان يقول في سجوده: اللهم قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك، ومن دعائه: اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب.
مع علي بن يقطين:
كان علي بن يقطين مقربا عند هارون الرشيد، يثق به، وينتدبه الى ما أهمه من الامور، وكان ابن يقطين يكتم التشيع والولاء لاهل البيت (ع)، ويظهر الطاعة للرشيد، وفي ذات يوم أهدى الرشيد إلى ابن يقطين ثيابا أكرمه بها، وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب.
فأرسل علي بن يقطين الثياب ومعها الدراعة إلى إلامام الكاظم، ومعها مبلغ من المال، ولما وصلت إلى الامام، قبل المال والثياب، ورد الدراعة إليه على يد رسول آخر غير الذي جاء بالمال والثياب، وكتب الامام إلى علي بن يقطين احتفظ بالدراعة، ولا تخرجها من يدك، فان لها شانا، فاحتفظ علي بالدراعة، وهو لا يعرف السبب.
وبعد ايام سعى بعض الواشين الى الرشيد، وقال له: إن إبن يقطين يعتقد بامامه موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمته بها، فاستشاط الرشيد غضبا، وأحضرعلي بن يقطين، وقال له، ما فعلت بتلك الدراعة التي كسوتك بها؟.
قال: هي عندي في سفط مختوم، وقد احتفظت بها تبركا، لانها منك قال الرشيد: ائت بها الساعة.
وفي الحال نادى علي بعض غلمانه، وقال له: اذهب الى البيت، وافتح الصندوق الفلاني تجد فيه سفطا، صفته كذا، جئني به الان.
/ صفحة 238 /
فلم يلبث الغلام، حيت جاء بالسفط، ووضعه بين يدي الرشيد. ففتح الرشيد السفط، ونظر إلى الدراعة كما هي فسكن غضبه، وقال لعلي: ارددها إلى مكانها، وانصرف راشدا، فلن اصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر له بجائزة سنية ثم أمرأن يضرب الساعي ألف سوط، فضرب 500، ومات قبل إكمال الالف.
مع الرشيد:
وللامام الكاظم مع هارون الرشيد أخبار كثيرة وطويلة ذكرها الشيخ الصدوق في " عيون اخبار الرضا " منها أن الرشيد قال له: كيف جوزتم للناس أن ينسبوكم إلى رسول الله، ويقولوا لكم: يا أبناء رسول الله، وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، لا إلى أمه؟! فقال له الامام: لو أن النبي نشر، وخطب اليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟.
قال الرشيد: سبحان الله وكيف لا أجيبه؟.
قال الامام: ولكنه لا يخطب إلي ولا أجيبه.
قال الرشيد: ولم؟.
قال الامام: لانه ولدني، ولم يلدك.
ولو تدبر هارون الرشيد القرآن الكريم لم يسأل الامام هذا السؤال، وينكر هذا الانكار، فإن الله سبحانه قد سماهم أبناء الرسول قبل أن يسميهم بذلك أحد من الناس، حيث قال عز من قائل: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاء‌ك من العلم فقل تعالوا ندع ابناء‌نا وابناء‌كم ونساء‌كم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " وقد اتفق المسلمون بكلمة واحدة أن النبي دعا عليا وفاطمة والحسن ولحسين، فكان علي نفس النبي، وكانت فاطمة نساء‌ه، وكان الحسن والحسين ابناء‌ه. فان كان للرشيد وغيره من اعتراض على نسبة آل البيت إلى الرسول الاعظم، فهو اعتراض ورد على الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ومنها: أن الرشيد كان ينقله من سجن الى سجن، حتى دس إليه السم، فسجنه أولا بالبصرة عند عيسى بن جعفر، ثم سجنه عند الفضل بن الربيع، ثم عند الفضل بن يحيى، ثم عند السندي بن شاهك الذي حصل السم على يده،
/ صفحة 239 /
وأرسل الامام الي الرشيد من سجنه هذه الرسالة: " يا هارون ما من يوم ضراء انقضى عني إلا أنقضى عنك من السراء مثله، حتى نجتمع أنا وأنت في دار يخسر فيها المبطلون ".
أجل، لقد خسر هارون وآباؤه وابناؤه، كما خسر من قبل يزيد بن معاوية وآباء‌ه وذووه، وكان الفوزدنيا وآخرة لموسى بن جعفر وآبائه وابنائه، سلام الله وصلواته عليهم أجمعين.

 

 


العقائد الاسلامية 
المصدر : الشيعة في الميزان ، تأليف : محمّد جواد مغنية ، ص 236 ـ 239
/ صفحة 236 /


طباعة   البريد الإلكتروني