توحيد النبي في صغره

(وقت القراءة: 2 - 4 دقائق)
توحيد النبي الله تعالى عند ولادته وتيقظه للايمان بالله سبحانه وتعالى في صغره 1 - الشيخ أحمد بن علي الطبرسي في كتاب " الاحتجاج " قال : روي عن موسى بن جعفر عن أبيه : عن آبائه ، عن الحسين بن علي ، قال : إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم ، كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور ، وصحف الأنبياء ، وقد عرف دلائلهم ، جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله ، وفيهم علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وابن سعيد الجهني. فقال : يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة ولا لمرسل فضيلة إلا نحلتموها نبيكم ، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه ؟ فكاع القوم عنه . فقال علي بن أبي طالب : نعم ما أعطى الله نبيا درجة ، ولا مرسلا فضيلة ، إلا وقد جمعها لمحمد ، وزاد محمدا على الأنبياء أضعافا مضاعفة . وساق الحديث مما ذكره اليهودي مما أعطى الله سبحانه الأنبياء ، وأمير المؤمنين يذكر ما أعطى الله تعالى رسول الله وزاده عليهم إلى أن قال اليهودي : فإن هذا عيسى بن مريم ، يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا . قال له علي : لقد كان كذلك ، ومحمد سقط من بطن أمه ، واضعا يده اليسرى على الأرض ، ورافعا يده اليمنى إلى السماء يحرك شفتيه بالتوحيد . فقال له اليهودي : فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى ، وأحاطت دلالته بعلم الايمان به . قال له علي : لقد كان كذلك ، وأعطي محمد أفضل من ذلك ، قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى وأحاطت دلالته بعلم الايمان به ، وتيقظ إبراهيم وهو ابن خمس عشرة سنة ، ومحمد كان ابن سبع سنين ، قدم تجار من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصفا والمروة ، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ونعته ، وخبر مبعثه وآياته . فقالوا له : يا غلام ما اسمك ؟ قال : محمد ، قالوا : ما اسم أبيك ؟ قال : عبد الله ، قالوا : ما اسم هذه ؟ وأشاروا بأيديهم إلى الأرض ، قال : الأرض ، قالوا : فما اسم هذه ؟ وأشاروا بأيديهم إلى السماء ، قال : السماء ، قالوا : فمن ربهما ؟ قال : الله ، ثم انتهرهم وقال : أتشككوني في الله عز وجل ؟ ! ويحك يا يهودي لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز وجل مع كفر قومه ، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام ويعبدون الأوثان ، وهو يقول : لا إله إلا الله . قال اليهودي : فهذا يحيى بن زكريا يقال : إنه أوتي الحكم صبيا والحلم والفهم ، وإنه كان يبكي من غير ذنب ، وكان يواصل الصوم . قال له علي : لقد كان كذلك ، ومحمد أعطي ما هو أفضل من هذا ، إن يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية ، ومحمد أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان ، فلم يرغب لهم في صنم قط ، ولم ينشط لأعيادهم ، ولم ير منه كذب قط ، وكان أمينا صدوقا حليما ، وكان يواصل صوم الأسبوع والأقل والأكثر ، فيقال له في ذلك ، فيقول : إني لست كأحدكم ، إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني ، وكان يبكي حتى يبتل مصلاه خشية من الله عز وجل من غير جرم . 2 - وذكر ابن أبي الحديد : أنه روي أن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي الباقر سأله عن قول الله عز وجل : ( إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) فقال : يوكل الله بأنبيائه ملائكة يحصون أعمالهم ، ويؤدون إليه تبليغهم الرسالة ، ووكل بمحمد ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده إلى الخيرات ومكارم الأخلاق ، ويصده عن الشر ومساوي الأخلاق ، وهو الذي كان يناديه : السلام عليك يا محمد يا رسول الله ، وهو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد ، فيظن أن ذلك من الحجر والأرض ، فيتأمل فلا يرى شيئا . 3 - وروى محمد بن علي بن شهرآشوب في كتاب " الفضايل " قال : روى الشعبي ، وداود بن عامر : أن الله تعالى قرن جبرائيل بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ثلاث سنين ، يسمع حسه ولا يرى شخصه ، ويعلمه الشئ بعد الشئ ، ولا ينزل عليه القرآن ، فكان في هذه المدة مبشرا بالنبوة غير مبعوث إلى الأمة . 4 - قال الشيخ المتكلم الفاضل أبو علي محمد بن أحمد بن الفتال النيسابوري المعروف بابن الفارسي رضي الله عنه في " روضة الواعظين " : اعلم أن الطائفة قد اجتمعت على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان رسولا نبيا مستخفيا ، يصوم ويصلي على خلاف ما كانت قريش تفعله منذ كلفه الله .

طباعة   البريد الإلكتروني