هجوم القوم على دار الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام

(وقت القراءة: 5 - 9 دقائق)

هجوم القوم على دار الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام

السؤال : هل تصح قضیة هجوم القوم على دار الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام؟

الجواب الاجمالي:

إن القوم هجموا على دار فاطمة علیها السلام و کادوا یحرقونها على من فیها، و فیها فاطمة سیدة النساء التى من آذاها فقد آذى النبى صلى اللّه علیه (و آله) و سلم، مع انهم علموا أن بیت الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام من بیوت أذن الله أن ترفع؛ کما صرح علیه المحدثون: قرأ رسول اللَّه هذه الآیة« فی بُیُوتِ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْکَرَ فیها اسْمُهُ»

الجواب التفصيلي: إن القوم هجموا على دار فاطمة علیها السلام و کادوا یحرقونها على من فیها، و فیها فاطمة سیدة النساء التى من آذاها فقد آذى النبى صلى اللّه علیه (و آله) و سلم، مع انهم علموا أن بیت الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام من بیوت أذن الله أن ترفع؛ کما صرح علیه المحدثون: قرأ رسول اللَّه هذه الآیة« فی بُیُوتِ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْکَرَ فیها اسْمُهُ»[1] فقام إلَیْهِ رَجُلٌ: فَقالَ: أَیُّ بُیُوتٍ هذِهِ یا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله؟ قالَ: بُیُوتُ الأنْبِیاءِ، فَقامَ إِلَیْهِ أَبُوبَکْرُ، فَقالَ یا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله: أَهذَا الْبَیْتُ مِنْها،- مُشیراً إلى‏ بَیْتِ عَلِىٍّ وَ فاطِمَةَ علیهما السلام- قالَ: نَعَمْ، مِنْ أَفاضِلِها[2] والدلیل علیه ما ذکر أکثر المحدثین و المؤرخین من الفریقین المنصفین، و نحن نذکر نصوص من کتب اهل السنه لنوضح لکم الحقیقه: الف) ابوبکر بن ابى‏شیبه (159- 235) مؤلف کتاب المصنّف بسند صحیح قال: «إِنَّهُ حینَ بُویِعَ لِأبی بَکْرٍ بَعْدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علیه و آله کانَ عَلیٌّ وَ الزُّبَیْرُ یَدْخُلانِ عَلى‏ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّه، فَیُشاوِرُونَها وَ یَرْتَجِعُونَ فی أَمْرِهِمْ. فَلَمَّا بَلَغَ ذلِکَ عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ خَرَجَ وَ دَخَلَ عَلى‏ فاطِمَةَ، فَقالَ: یا بِنْتَ رَسُولِ اللَّه صلى الله علیه و آله وَ اللَّهِ ما أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیْنا مِنْ أَبِیکِ وَ ما مِنْ أَحَدٍ أَحَّبَ إِلَیْنا بَعْدَ أَبیکِ مِنْکِ، وَ أیْمُ اللَّهِ ما ذاکَ بِمانِعی إِنِ اجْتَمَعَ هؤلاءِ النَّفَرُ عِنْدَکِ أَنْ أَمرْتُهُمْ أَنْ یُحْرَقَ عَلَیْهِمُ الْبَیْتَ. قالَ: فَلَمّا خَرَجَ عُمَرُ جاؤُوها، فَقالَتْ: تَعْلَمُونَ أنَّ عَمَرَ قَدْ جاءَنی، وَقَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عُدْتُم لَیَحرِقَنَّ عَلَیْکُمُ الْبَیْتَ، وَ أیْمُ اللَّهِ لَیْمِضَیَّن لِما حَلَفَ عَلَیْهِ[3] ب) احمد بن یحیى بن جابر بلاذرى (م 270) فی کتاب انساب الاشراف قال: «إِنَّ أَبابَکرٍ أَرْسَلَ إلى‏ عَلیٍّ یُریدُ الْبَیْعَةَ فَلَمْ یُبایِعْ، فَجاءَ عُمَرُ وَ مَعَهُ فَتیلةٌ! فَلَقیَتْهُ فاطِمَةُ عَلَى الْبابِ. فَقالَتْ فاطِمَةُ: یَابْنَ الْخَطّاب، أَتَراکَ مُحْرِقاً عَلیَّ بابی؟ قالَ: نَعَمْ، وَذلِکَ أَقْوى‏ فیما جاءَ بِهِ ابُوکِ ....»[4] ج) عبداللَّه بن مسلم بن قتیبه دینورى (212- 276) مؤلف کتاب تأویل مختلف الحدیث، و ادب الکاتب و الامامة و السیاسة( الذی ورد فیه ذکر حوادث حدثت فی صدر الإسلام و الکتاب جدیر بالمطالعة لطالبی الحقیقة) و... [5] قال فی کتاب الإمامة و السیاسة: «إنّ أبابَکْرٍ (رض) تَفَقَّدَ قَوْماً تَخَلَّفُوا عَنْ بَیْعَتِهِ عِنْدَ عَلیّ کَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ عُمَرُ فَجاءَ فَناداهُمْ وَ هُمْ فی دارِ عَلیٍّ، فَأَبَوْا أَنْ یَخْرُجُوا فَدَعا بِالْحَطَبِ وَ قالَ: وَالَّذی نَفْسُ عُمَرَ بِیَدِهِ لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لأَحْرَقَنَّها عَلى‏ مَنْ فیها، فَقیلَ لَهُ: یا أبا حَفصٍ إِنَّ فیها فاطِمَةَ فَقالَ، وَإِنْ! »[6] وقال ایضا: « ثُمَّ قامَ عمرُ فَمَشى‏ مَعَهُ جَماعَةٌ حَتّى‏ أَتَوْا فاطِمَةَ فَدقُّوا الْبابَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أصْواتَهُم نادَتْ بِأَعْلى‏ صَوْتِها یا أَبَتاهُ یا رَسُولَ اللَّه ماذا لَقینا بَعْدَکَ مِنْ ابنِ الْخَطّابِ وَابنِ أبی‏ الْقُحافة فَلَمّا سَمِعَ الْقَوْمُ صَوْتَها وَ بُکائَها انْصَرَفُوا وَ بَقِیَ عُمَرُ وَ مَعَهُ قَوْمٌ فَأَخْرَجُوا عَلَیّاً فَمَضَوْا بِهِ إلى‏ أبی بَکْرٍ فَقالُوا لَهُ بایِعْ، فَقالَ: إنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ فَمَه؟ فَقالُوا: إِذاً وَاللَّهِ الَّذی لا إلهَ إِلّا هُوَ نَضْرِبُ عُنُقَکَ ...! »[7] د) محمد بن جریر طبرى (م 310) فی تاریخه قال: « أتى‏ عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ مَنْزِلَ عَلیٍّ وَ فیهِ طَلْحَةٌ وَ الزُّبَیْرُ وَ رِجالٌ مِنَ الْمُهاجِرِینَ، فَقالَ وَاللَّهِ لَأَحْرِقَنَّ عَلَیْکُمْ أَوْ لَتَخْرُجَنَّ إلى الْبَیْعَةِ، فَخَرَج عَلَیْهِ الزُّبیرُ مُصْلِتاً بِالسَّیْفِ فَعَثَرَ فَسَقَطَ السَّیْفُ مِنْ یَدِهِ، فَوَثَبُوا عَلَیْهِ فَأَخَذُوهُ.»[8] واما ما تدل علی وقوع الهجوم والضرب و الإحراق (خلافا لمن یدعی هذه الموارد تدل علی الإرعاب و التهدید ولم یوقع): الف) روى فى حدیث عبد الرحمن بن عوف ان أبا بکر عند موته قال له: انى لا آسى على شی‏ء من الدنیا الا على ثلاث فعلتهن وددت‏ انى ترکتهن (احدها کشف بیت فاطمة صلوات اللّه علیها). راجع سابع الغدیر ص170. و من رواته: أبو جعفر الطبری، فی التاریخ 2/ 353 .. و أبو عبید القاسم بن سلّام، فی کتاب الأموال: 174 .. و ابن عبد ربّه القرطبی، فی العقد الفرید 3/ 279 .. و المسعودی، فی مروج الذهب 2/ 301 .. و ابن قتیبة، فی الإمامة و السیاسة 1/ 36 .. و سعید بن منصور .. و الطبرانی، فی المعجم الکبیر 1/ 62 ح 43 .. و ابن عساکر، فی تاریخ دمشق 30/ 418- 422 .. و خیثمة بن سلیمان الأطرابلسی .. و المتّقی الهندی، عن الأربعة الأواخر، فی کنز العمّال 5/ 631 ح 14113. و لقد رواه الطبری قائلا: «حدّثنا یونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا یحیى بن عبد اللّه بن بکیر، قال: حدّثنا اللیث بن سعد، قال: حدّثنا علوان، عن صالح بن کیسان، عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبیه، أنّه دخل على أبی بکر ..» فأورد الخبر بطوله، و فیه: «فوددت أنّی‏ لم أکشف بیت فاطمة عن شی‏ء و إن کانوا قد غلّقوه على الحرب»[9] هذا الخبر یدل علی أنه ندم و الندم لا یکون إلّا عن ذنب ارتکبه‏. ب) ابراهیم بن سیار نظّام معتزلى (160- 231) فی کتاب «الوافى بالوفیات»: إِنَّ عُمَرَ ضَرَبَ بَطْنَ فاطِمَةَ یَوْمَ الْبَیْعَةِ حَتّى ألْقَتِ الْمُحْسِنَ مِنْ بَطْنِها[10] ج) ذهبى فی کتاب میزان الاعتدال عن محمّد بن احمد کوفى: إنّ عُمَرَ رَفَسَ فاطِمَةَ حَتّى أسْقَطَتْ بِمُحْسِنٍ[11] د) مقاتل ابن عطیّه فی کتاب الامامة و الخلافة: إنّ أبابکر بَعْدَ ما أَخَذَ الْبَیْعَةَ لِنَفْسِهِ مِنَ النَّاسِ بِالإرْهابِ وَ السَّیْفِ وَ الْقُوَّةِ أرْسَلَ عُمَرَ وَ قُنْفُذاً وَ جَماعَةً إلى‏ دارِ عَلیٍ وَ فاطِمَةَ علیهما السلام وَ جَمَعَ عُمَرُ الْحَطَبَ عَلى‏ دارِ فاطِمَةَ وَ أَحْرَق بابَ الدَّارِ! ... [12] هذا قلیل من کثیر مما یدل علی هجوم القوم على دار الإمام علی و فاطمة الزهراء علیهما السّلام و هتکهم حرمتهما؛ وما علینا إلّا البلاغ‏.

الهوامش: [1] نور، آیة 36. [2] در المنثور، ج 6، ص 203؛ تفسیر سوره نور، روح المعانى، ج 18، ص 174. [3] ابن ابي ‏شیبه، المصنف، ج 8، ص 572، کتاب المغازى. [4] انساب الأشراف، ج 1، ص 586،ط دار المعارف، قاهره. [5] الاعلام، زرکلى، ج 4، ص 137. [6] الامامة و السیاسة، ابن قتیبه، ص 12،ط مکتبة تجاریة کبرى، مصر. [7] نفس المصدر، ص 13. [8] تاریخ طبرى، ج 2، ص 443، ط بیروت. [9] دلائل الصدق، المقدمة، ص: 74 [10] الوافى بالوفیات، ج 6، ص 17، شماره 2444؛ ملل و نحل شهرستانى، ج 1، ص 57،ط دار المعرفة، بیروت. [11] میزان الاعتدال، ج 1، ص 139، شمارة 552. [12] الامامة و الخلافة، ص 160- 161،ط بیروت، مؤسّسة البلاغ.


طباعة   البريد الإلكتروني