الكيسانية

(وقت القراءة: 5 - 9 دقائق)

tashaioo 300x200

الكيسانية مذهب منقرض، أُسّس بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) في واقعة كربلاء. قالت الكيسانية بإمامة الأئمة: علي والحسن والحسين عليهم السلام، ثم محمد بن علي المعروف بابن الحنفية، وكان الكيسانيون يرون أن محمداً هو المهدي الموعود الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وأنه حي لم يمت ولا يموت، حتى يظهر الحق.

وجه التسمية قد ذكر مجموعة من التبريرات والتعليلات لبيان وجه التسمية، منها:

  1. إنّما سمّوا كيسانية؛ لأنّ المختار الثقفي نفسه الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي (ع) ودعا إلى محمد بن الحنفية كان يسمّى بكيسان.[1]
  2. إنّما لقّب المختار كيسان؛ لأنّ صاحب شرطته المكنّى بأبي عمرة كان اسمه كيسان.[2] وقيل أن الكيسانية: أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي (ع)، وكان تلميذ محمد بن الحنفية, وتعلم منه علوماً دقيقة وأسراراً لطيفة وأرشده الى التأويلات.[3] الفرق الكيسانية للكيسانية فرق ثلاث هي: الكيسانية الخالصة؛ الحارثية؛ العباسية.[4] وهناك من فصّل القول في الفرق المنسوبة الى الكيسانية وقال: إنّ الكيسانية على كثرة فرقهم يجمعهم شيئان: الأول: القول بإمامة محمد بن الحنفية. الثاني: القول بالبداء على اللَّه .[5] وهي مجموعة من الفرق: الفرقة الأُولى: من الكيسانية يزعمون أنّ علي بن أبي طالب (ع) نصّ على إمامة ابنه محمد بن الحنفية، لأنّه دفع إليه الراية بالبصرة. الفرقة الثانية: منهم يزعمون أنّ علي بن أبي طالب (ع) نصّ على إمامة ابنه الحسن بن علي (ع)، وأنّ الحسن بن علي (ع) نصّ على إمامة أخيه الحسين بن علي (ع) وأنّ الحسين بن علي (ع) نصّ على إمامة أخيه محمد بن الحنفية. الفرقة الثالثة: من الكيسانية هي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير، يزعمون أنّ محمد بن الحنفية حيّ بجبال رضوى. الفرقة الرابعة: يزعمون أنّ محمد بن الحنفية إنّما جعل بجبال رضوى عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مروان وبيعته إيّاه. الفرقة الخامسة: يزعمون أنّ محمد بن الحنفية مات وأنّ الإمام بعده ابنه أبو هاشم: عبد اللَّه بن محمد الحنفية. الفرقة السابعة: قالت إنّ الإمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية. الفرقة الثامنة: قالت إنّ أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد، وعليّ أوصى إلى ابنه الحسن، فالإمامة عندهم في بني الحنفية لا تخرج إلى غيرهم. الفرقة التاسعة: يزعمون أنّ الإمام بعد أبي هاشم محمد بن علي بن عبد اللَّه بن العباس قالوا: وذلك أنّ أبا هاشم مات بأرض الشراة "السراة موضع بالشام" منصرفة من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن العباس، وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد، ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس، ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض، ثم رجع بعض هؤلاء عن هذا القول وزعموا أنّ النبي (ص) نصّ على العباس بن عبد المطلب ونصبه إماماً، ثمّ نصّ العباس على إمامة ابنه عبد اللَّه ونصّ عبد اللَّه على إمامة ابنه علي بن عبد اللَّه، ثم ساقوا الإمامة إلى أن انتهوا بها إلى أبي جعفر المنصور. الفرقة العاشرة: يزعمون أنّ أبا هاشم أوصى إلى بيان بن سمعان التميمي وانّه لم يكن له أن يوصي بها إلى عقبه. الفرقة الحادية عشرة: يزعمون أنَّ الإمام بعد أبي هاشم عبد اللَّه بن محمد بن الحنفية وعليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وقال النوبختي: وفرقة قالت بإمامة محمد بن الحنفية، لأنّه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة دون أخويه فسمّوا الكيسانية. وقالت فرقة من الكيسانية إنّ محمد بن الحنفية هو المهدي، وهو وصيّ علي بن أبي طالب (ع) ليس لأحد من أهل بيته أن يخالفه ولا يخرج عن إمامته ولا يُشهر سيفه إلّا بإذنه، وإنّما خرج الحسن بن علي (ع) إلى معاوية محارباً له بإذن "محمّد" ووادعه وصالحه بإذنه، وأنّ الحسين إنّما خرج لقتال يزيد بإذنه وأنّ من خالف محمد بن الحنفية كافر مشرك وأنّ محمد استعمل المختار بن أبي عبيدة على العراقيين بعد قتل الحسين (ع) وأمره بطلب دمه وثأره، وقتل قاتليه ، وطلبهم حيث كانوا، وسمّاه كيسان لكيسه ولما عرف من قيامه ومذهبه فيهم فهم يسمّون (المختارية) ويدعون الكيسانية.[6] معتقدهم لم تسجل عقائد الكيسانية من قبل رجال ينتسبون الى هذه الفرقة لاندثارها مبكراً، وإنّما نقل لنا ذلك خصوم الكيسانية من الإمامية و أهل السنة ، وقد ذهب الشيخ الإمام محمد أبو زهرة الى القول بأن عقائد الكيسانية مشوبة بشيء من الآراء الفلسفية ، وأنهم يقولون بالبداء والتناسخ، وأنّ لكل شيء ظاهراً وباطناً، وأنّ حكم العالم وأسراره جمعت في الإنسان وأنّ علياً (ع) يعلم بذاك الحكم والأسرار.[7] وجاء في المجلد الثاني ص 45- 51 من كتاب تاريخ الفرق الأسلامية: أن الكيسانية تؤمن بمهدوية محمد بن الحنفية وتقول بالبداء والحلول والتناسخ وادعاء النبوة والميل نحو التأويلات الباطنية. يلاحظ على ذلك أن عقائد من قبيل الحلول والتناسخ وادعاء النبوة والتأويلات الباطنية، من البعيد التصديق بنسبتها الى المختارالثقفي لبعدها عن طبيعة تفكير ذلك العصر، بل ليس من المستعبد أن يكون المختار جاهلا بهكذا أفكار وغير مطلع عليها.[8] مهدوية محمد بن الحنفية نقلت بعض المصادر منها كتاب " نشأة الفكر الفلسفي" أن محمد ابن الحنفية هو أوّل من لقب بالمهدي في الإسلام.[9]والمؤمنون بهذه العقيدة يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية حيّ بجبال رضوى، يأتيه رزقه غدوة وعشية عنده عسل وماء إلى وقت خروجه..[10] القول بالبداء إن القول بالبداء- بمعناه المنسجم مع الفكر الإسلامي قرآنا وسنة- موجود في التراث الشيعي إلاّ أنّ كتب الملل والنحل نسبت تلك النظرية الى المختار الثقفي.[11] وقالوا: إن أوّل من قال به المختار الثقفي على حد زعمهم، وجاء في التعليقة على الملل والنحل للشهرستاني، إن الكيسانية، قد نسبوا البداء الى الله حينما بعث مصعب بن الزبير جيشاً مجهزاً الى غزو المختار، فأرسل اليه المختار جيشاً بقيادة أحمد بن شميط مؤلفاً من ثلاثة آلاف مقاتل، وقال لهم: قد أوحي إليّ أن الظفر سيكون لكم، ولمّا انهزم ابن شميط، بعد المعارك التي دارت بينه وبين مصعب بن الزبير، قال له المختار: إنّ ربّي قد وعدني النصر، ثم بدا له، وتلا عليه قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب".[12] مستودع علم الامامة يظهر أن الشهرستاني قد انفرد أو هو أحد الافراد القلائل الذين نسبوا الى الكيسانية الإيمان بأنّ محمد بن الحنفية مستودع علم الإمامة. قال الشهرستاني: وإنما حمله– يعني المختار- على الإنتساب إلى محمد بن الحنفية حسن اعتقاد الناس فيه وامتلاء القلوب بمحبته. والسيد محمد بن الحنفية كان كثير العلم غزير المعرفة وقَّاد الفكر مصيب الخاطر في العواقب وقد أخبره أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن أحوال الملاحم وأطلعه على مدارج المعالم وقد اختار العزلة فآثر الخمول على الشهرة. وقد قيل: إنه كان مستودعا علم الإمامة حتى سلم الأمانة إلى أهلها وما فارق الدنيا إلا وقد أقرها في مستقرها.[13] الحلول والتناسخ نسب الاعتقاد بالحلول والتناسخ الى بعض فرق الكيسانية الذين يعتقدون بأنّ الإمامة ثابتة لعلي (ع)، ومنه الى ولده الحسن (ع) ومنه الى الحسين (ع) ثم الى محمد بن الحنفية؛ يعني أنّ روح الله حلّت في النبي (ص)، وروح النبي (ص) حلّت في علي (ع)، وروح عليّ حلّت في الحسن (ع)، وروح الحسن حلّت في الحسين (ع)، وروح الحسين حلّت في محمد بن الحنفية وروح محمد بن الحنفية حلّت في ولده هاشم و....[14] ادعاء المختار النبوة ذكر البغدادي: أنّ المختار الثقفي خدعته السبابية الغلاة من الرافضة فقالوا له: أنت حجّة هذا الزمان وحملوه على دعوى النبّوة فادعاها عند خواصه، وزعم أن الوحي ينزل عليه وسجع بعد ذلك.[15] وقد علق بعض المحقّقين على هذه النسبة بقوله: ولمّا كانت ثورته ثقيلة على مناوئي أهل البيت (ع) أرادوا إسقاطه من أعين الناس فتحاملوا عليه من جانب العقيدة فرموه باختراع المذهب حتى رموه بادّعاء النبوة ونزول الوحي حتى صاغوا له جملاً مضاهية لجمل الكهنة، ونسبوها إليه. ولم يكن لهم غاية إلاّ القضاء على نهضته وثورته.[16] التأويل والباطن نسبت إليهم بعضُ كتب الملل والنحل القول بـــــ « التأويل الباطني » للآيات وأن الكلمات القرآنية تشير الى رموز خاصة من قبيل قوله تعالى: "والتين والزيتون" حيث أوّلوا التين بالإمام علي (ع) والزيتون بالحسن (ع) وطور سينين بالحسين (ع) والبلد الأمين بمحمد بن الحنفية.[17]
  3. الهوامش تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 5، ص 131. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ معجم الرجال، ج 18، ص 102-103 تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ قيل إن الرجل من موالي الإمام علي بن أبي طالب (ع) أو من تلامذة محمد بن الحنفية، أبو زهرة، تاريخ المذاهب الاسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية، ص 41. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ قواعد العقائد، ص 123-124. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ راجع. البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 27. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ الکيسانية في التاريخ والأدب، ص 58-71؛ الزينة، ص 238؛السبحاني، الملل والنحل، ج‏ 7، ص 27- 29. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ راجع: الرازي، گرايش ها ومذاهب اسلامي، ص134 والبغدادي، الفرق بين الفرق، ص 27. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ للتعرف على تقسيمات الکيسانية راجع: الرازي، گرايش ها و مذاهب اسلامي، صص 140-135 والبغدادي، الفرق بين الفرق، صص 28-27 وصابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، صص 61-55. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ راجع. أبو زهره، تاريخ المذاهب الاسلامية في السياسة و العقائد وتاريخ المذاهب الفقهية، صص 44-41. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ السبحاني، الملل والنحل، ج 7، ص 28. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي ج۲ ص ۴۵-۵۱ تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ راجع. النشار، نشأة الفکر الفلسفي، ج٢ ، ص۵٨ تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ ذكر المؤلف في الهامش: أن عنوان المهدي كان يطلق على علي (ع) قبل أن يطلق على محمد بن الحنفية تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ معجم الرجال، ج 18ص 103-102 تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 47. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ السبحاني، الملل والنحل، ج‏ 7، ص 36. تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ راجع. البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 36 و البغدادي، الملل و النحل، صص 49-48.

  4. المصادر والمراجع ابو زهره، محمد، 1989، تاريخ المذاهب الاسلاميه في السياسه و العقائد و تاريخ المذاهب الفقهيه، دار الفکر العربي، القاهرة. الأشعري، سعد بن عبد الله، المقالات والفرق، 1360، المصحح محمد جواد مشکور، انتشارات علمي و فرهنكي، طهران. التميمي البغدادي، عبد القاهر بن الطاهر، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم، دار الجيل، بيروت. التميمي البغدادي، عبد القاهر بن الطاهر، الملل و النحل، المحقق نادر البير نصري، دار المشرق، بيروت. الرازي، أبو حاتم، 1390، گرايش ها و مذاهب اسلامي در سه قرن نخست هجري، ترجمه علي آقا نوري، انتشارات دانشكاه اديان و مذاهب، قم. السيد علوي، سيد ابراهيم، "کيسانيه، افسانه يا حقيقت؟![الكيسانية حقيقة أم خيال] "، فصلية کلام اسلامي، خريف سنة 1375هـ ش، العدد 19. عواجي، د. غالب بن علي، فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، عضو هئية التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، الجزء الأول، بحث الكيسانية السبحاني، جعفر، قواعد العقائد، نشر مؤسسة الإمام الصادق (ع)، قم صابري، حسين، 1384، تاريخ فرق اسلامي، سمت، طهران. مادلونغ، ويلفرد، 1377، فرقه هاي اسلامي، ترجمة ابو القاسم سري، اساطير، طهران. المقدسي، مطهر بن طاهر، البدء و التاريخ، مکتبه الثقافة الدينية، بور سعيد. النشار، علي سامي، ١٩۶۶م، نشأة الفکر الفلسفي في الاسلام، الطبعة الرابعة، القاهرة، دار المعارف.


طباعة   البريد الإلكتروني