نشأة الماتريدية وأهم زعمائها

(وقت القراءة: 7 - 13 دقائق)

اللبی

نتحدث الآن عن تطورهم الذي مر بالأدوار المهمة التاريخية التي تدل على نشاطهم البالغ المتواصل لنشر العقيدة الكلامية الماتريدية . ليعرف بهذه الدراسة تطور الماتريدية والأدوار التي مرت عليها. وتكون هذه الدراسة بمثابة تاريخ إجمالي للماتريدية ويتم كل ذلك بتوفيق الله تعالى ومشيئته سبحانه. فأقول: لقد مرت بالماتريدية أدوار أهمها ما يلي: أ‌- دور تأسيسي  (258 - 333هـ)  وهو دور أبي منصور الماتريدي إمام الماتريدية ويمتاز هذا الدور بأنه دور النشأة والتأسيس كما يمتاز بشدة النطاح بين الماتريدي وبين المعتزلة كما يظهر من تأليفات الماتريدي  فيما سبق ومن خلال نصوص الماتريدي ضد المعتزلة في كتبه. ب‌- دور تكويني (333  -  400هـ) وهو دور تلامذة الماتريدي ومن تأثر به بعده وتلامذة تلامذته،

ويمتاز هذا الدور بأنه تكونت فيه فرقة كلامية ماتريدية وظهرت على وجه الأرض كما يمتاز بوجود تلامذة الماتريدي الذين نشروا أفكار شيخهم وإمامهم والدفاع عنه، وقد ذكرنا نبذة عن تلامذة الماتريدي وتأليفاتهم الكلامية في الفصل الأول. ج - دور بزدوي (400  -  500هـ) وهذا الدور تمديد لسابقه بالنشر والتأليف، ومن أهم شخصيات هذا الدور " أبو اليسر البزدوي (493هـ)  أخو  " فخر الإسلام  " (482هـ). د- دور نسفي (500  -  700هـ) وهذا الدور كاسمه نسف العقيدة السلفية في الصفات نسفًا أكثر من سابقه وامتاز بكثرة التأليف، وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية. ومن أهم أعيان هذا الدور أبو المعين النسفي (508هـ)، ونجم الدين عمر النسفي (537هـ)، وحافظ الدين عبد الله النسفي (710هـ) وهو أكبر أدوار العقيدة الماتريدية السابقة. هـ - و في بداية هذا الدور دور آخر:

وهو دور صابوني يمتاز بكثرة المناظرات بين الماتريدية ، وبين الأشعرية. وأهم شخص في هذا الدور هو أبو محمد نور الدين أحمد بن محمد الصابوني (580هـ).   (6) وقد اعتمد الصابوني في دراسته لأصول الدين على كتاب (تبصرة الأدلة) لأبي المعين النسفي كما ورد ذلك عنه فيما ذكره الرازي في مناظرته له قال الرازي قال لي (أي: الصابوني) يا أيها الرجل إني كنت قد رأيت كتاب (تبصرة الأدلة) لأبي معين النسفي واعتقدت أنه لا مزيد على ذلك الكتاب في التحقيق والتدقيق...ذكر القرشي أن له (البداية في أصول الدين) و(المغني في أصول الدين) وذكر ابن قطلوبغا وصاحب (الطبقات السنية) وحاجي خليفة أن له (الهداية في علم الكلام) وأنه اختصره في كتاب سماه (البداية) وذكر البغدادي (المختصر) بعنوان (بداية مختصر الهداية) وذكر حاجي خليفة أن له كتابًا بعنوان (الكفاية في الهداية) واختصره في كتاب سماه (العمدة) وذكر البغدادي أن (الكفاية) شرح (للهداية)   (7)   و- دور عثماني: نسبة إلى الدولة العثمانية (700  -  1300هـ). وهذا الدور جمع الأدوار الماتريدية الكثيرة.

ومنها دور صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود  (؟  -  747هـ). ومنها دور التفتازاني  (712  -  792هـ) . ومنها دور الجرجاني  (740  -  816هـ) . ومنها دور الكمال ابن الهمام  (790  -  861هـ) .   (8) وهو محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد السيواسي الأصل السكندري القاهري الحنفي من مؤلفات ابن الهمام (فتح القدير) في الفقه، وهو شرح (الهداية) ولم يتمه وصل فيه إلى أثناء الوكالة... وله (التحرير في أصول الفقه)... وله أيضا (المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة) .... وقد طبع الكتاب عدة مرات ويعد كتاب (المسايرة) من المراجع المهمة في معرفة عقيدة الماتريدية ومعرفة المسائل الوفاقية والخلافية بين الأشاعرة والماتريدية   (9) وغيرها من الأدوار التي تتصل بالدولة العثمانية. وهذه الأدوار كلها ترجع إلى أم الأدوار ألا وهو الدور العثماني الذي يعد أهم الأدوار الماتريدية حيث بلغ هذا الدور إلى أوج الكمال حيث يستظل هذا الدور بظل الدولة العثمانية ويتمتع بخيراتها، لأن الدولة العثمانية كانت دولة حنفية الفروع ماتريدية العقيدة. فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية وكان جل القضاة، والمفتين وخطباء الجوامع، ورؤساء المدارس حنفية الفروع ماتريدية العقيدة،

هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى كثرت في هذا الدور تأليف أنواع الكتب الكلامية من المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي، والحواشي على الحواشي، والتنكيتات، كما كان بين الماتريدية والأشعرية ائتلاف كأنهما فرقة واحدة صعب التمييز بينهما. و في هذا الدور انتشرت العقيدة الماتريدية  في شرق الأرض وغربها في هندها، وتركها، وفارسها، ورومها، وعربها، وعجمها. ز- دور ديوبندي (1283هـ - إلى ما شاء الله) نسبة إلى جامعة ديوبند التي أسسها الشيخ محمد قاسم النانوتوي إمام الديوبندية  (1297هـ) سنة  (1283هـ). ويمتاز هذا الدور بكثرة التأليف في علم  الحديث من شروح وغيرها، والديوبندية أئمة في العلوم النقلية، والعقلية كما هم في قمة من الزهد، والتأله، وهم خدموا الإسلام وحاربوا الشرك والبدع إلى حد كبير غير أنهم حرفوا الأحاديث  إلى مذهبهم الحنفي الفقهي، والكلامي الماتريدي كما يتضح من كتبهم وهم في غاية من التعصب للمذهب الحنفي والتقليد الأعمى حتى جعلوا كثيرا من الأحاديث حنفية بالتأويلات الباطلة. كما أنهم ناصبوا العداء لـ  (أهل السنة) الذين يسميهم المغرضون باسم  (الوهابية) ، فيسبونهم أشنع السباب، وينبزونهم بأبشع الألقاب. ومن ميزات هذا الدور البارز أيضا أنهم ديوبندية كما هم حنفية الفروع ماتريدية العقيدة كذلك هم متصوفة محضة، وعند كثير منهم بدع قبورية كما يشهد عليهم كتابهم (المهند على المفند) لـ  (الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمة الديوبندية ، وهو أهم كتب الديوبندية  في العقيدة وعليه توقيعات لكبار علمائهم ... بل في كبار أئمة الديوبندية من ساير الكوثري في شتائم أئمة الإسلام  -  كالبنوري الديوبندي فله مقدمة خطيرة مسمومة فتاكة أبعد غورا في الضلال والإضلال، و فيها ما لا يخطر بالبال من إجلال الكوثري، وشتائم أئمة الإسلام . وللديوبندية شعبتان مهمتان: شعبة التعليم والتدريس، وشعبة التبليغ والتربية وهي المعروفة بـ  (جماعة التبليغ) لها حسنات عملية كثيرة. ولهذه الجماعة لون آخر في دورهم من أدوار الماتريدية يبثون أفكارهم الصوفية وأنظارهم العقدية الماتريدية بطرق خفية تدريجية حتى اغتر بهم كثير من أصحاب العقيدة السلفية ولكن لابد للحقيقة أن تظهر.

وقد ألف الشيخ أرشد القادري البريلوي أحد كتاب  " البريلوية " كتابا بعنوان  (الزلزلة) ذكر فيه نصوصا صريحة لكبار علماء الديوبند تتضمن البدع القبورية والخرافات بل الشركيات الصريحة وحاكمهم  محاكمة دقيقة. وقد اعترف بذلك الشيخ عامر العثماني مدير مجلة " التجلي "  " بديوبند " أحد كبار كتاب الديوبندية وصرح أن كل بلاء وبدعة وخرافة دخلت على الديوبندية إنما دخلت من أبواب التصوف   (1) . ح- دور بريلوي  (1272هـ - إلى ما شاء الله) : نسبة إلى زعيمهم: أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي القبوري الملقب بعبد المصطفى  (1340هـ) . ويمتاز هذا الدور بالإشراك الصريح، وعبادة القبور فهي فرقة وثنية محضة. كما يمتاز بشدة العداوة مع الديوبندية وتكفيرهم فضلا عن تكفير  (أهل السنة) الذين يسميهم المغرضون بـ  (الوهابية) . ط- دور كوثري  (1296هـ -  إلى ما شاء الله) : منسوب إلى الشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي عدو السلفية  (1371هـ) . ويمتاز هذا الدور بشدة العداء لأهل السنة والطعن في أئمة الإسلام ولعنهم وجعلهم وثنية مشركين كفارا عبدة الأوثان، والأصنام، مجسمة مشبهة. وجعل كتب السلف ككتب (التوحيد)، و(السنة)، و(الإبانة)، و(الشريعة)، و(الصفات)، و(العلو)، وغيرها في شرح عقيدة أئمة السنة  -  كتب وثنية، وكتب كفر، وكتب شرك، وكتب تجسيم، وتشبيه. كما يمتاز هذا الدور بالدعوة إلى الإشراك وعبادة القبور، وجواز بناء المساجد والقبب عليها تحت ستار التوسل. وكتب الكوثري  (1296  -  1371هـ) شاهدة لما ذكرنا، وقد حاول الكوثري أن يحيي دولة الجهم، والمريسي، وابن أبي دؤاد كما حاول أن يحيي دول القبورية. ي- دور فنجفيري  (من 1370هـ) وينسب هذا الدور إلى زعيم الجماعة الفنجفيرية: شيخ القرآن محمد طاهر بن آصف الحنفي الماتريدي الديوبندي النقشبندي  (1407هـ) رحمه الله. واسم هذه الجماعة:  " جماعة إشاعة التوحيد والسنة " وهي فرع لـ  (الديوبندية) ،  (النقشبندية الصوفية) .

وهي جماعة لها دور كبير ونشاط طيب في نشر ترجمة القرآن الكريم ، والقضاء على الإشراك والبدع القبورية وإحياء كثير من السنن في مناطق بشاور ومردان، والقبائل الحرة وغيرها في باكستان وكثير من المناطق في أفغانستان ولهم مساع جميلة يشكرون عليها غير أنهم ماتريدية في باب الصفات، ولهم مدارس خاصة يدرسون فيها كتب الماتريدية ، وهم حنفية متعصبة في الفقهيات لهم عداء شديد لأهل  الحديث  في تلك المناطق، حتى لا يتحاشون الكذب الصريح، والافتراء القبيح إلا من شاء الله منهم. وقد بلغ بهم التقليد إلى تحريف الأحاديث؛  فقد قال شيخهم: إن المراد من أحاديث رفع اليدين، رفعهما عن السرة والركبة   (2) .         

    ويزعم زعيمهم الشيخ محمد طاهر المذكور في حق أهل  الحديث المعاصرين لهم: أنهم إخوان القاديانيين   (3) الأصاغر   (4) . ولكونه صوفيا نقشبنديا أوصى تلاميذه بأن يكونوا علماء صوفية بلا ترجيح طرق بعضهم على بعض، ولا إنكار على المغلوبين من الصوفية ولا على المؤولين في السماع وغيره. ولأجل ماتريديتهم يثنون على الماتريدي بأنه  " إمام الهدى " و  " إمام أهل السنة " و على  " تأويلاته". ويجعلون السلف مفوضة ويعدون المؤولة في أهل السنة. هذه بعض الأدوار المهمة للماتريدية بمثابة تاريخ إجمالي للماتريدية . و فيما يلي نتحدث إن شاء الله عن أسباب انتشار الماتريدية وبسط سلطانهم. أ‌- دور ندوي: المدرسة الندوية الهندية لا تختلف عن المدرسة الديوبندية ، الفنجفيرية.  في كونها ماتريدية وعلى غير الطريقة السلفية. وذلك أن إمام الندوية الشيخ أبا الحسن الندوي  -  مع تظاهره بالسلفية  -  قد بالغ في الثناء على الماتريدي وطريقته وكتبه ورجحه على الأشعري   (5) . فقد أبان الندوي عن حقيقة سلفيته بإكباره وإجلاله لماتريديته. وما كل مخضوب البنان بثينة[وما كل مصقول الحديد يمانيا.   (10) ] الخلاصة:  يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي: · مرحلة التأسيس: (000ـ333هـ) والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة: أبو منصور الماتريدي.....عاصر أبا الحسن الأشعري، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهاج  غير منهاج الأشعري،

وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو إطلاع على كتب بعضها. ـ توفي عام 333هـ ودفن بسمرقند، وله مؤلفات كثيرة: في أصول الفقه والتفسير. ومن أشهرها: (تأويلات أهل السنة) أو (تأويلات القرآن) وفيه تناول نصوص القرآن الكريم، ولا سيما آيات الصفات، فأوَّلها تأويلات جهمية. و من أشهر كتبه في علم الكلام كتاب (التوحيد) وفيه قرر نظرياته الكلامية، وبيَّن معتقده في أهم المسائل الاعتقادية، ويقصد بالتوحيد: توحيد الخالقية والربوبية، وشيء من توحيد الأسماء والصفات، ولكن على طريقة الجهمية بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه ونفي التشبيه؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح. كما ينسب إليه شرح كتاب (الفقه الأكبر) للإمام أبي حنيفة، وله في الردود على المعتزلة (رد الأصول الخمسة) وأيضاً في الرد على الروافض (رد كتاب الإمامة) لبعض الروافض، وفي الرد على القرامطة (الرد على فروع القرامطة). · مرحلة التكوين: (  333ـ500هـ ):

وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانيف متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها. ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ)، عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ). · ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تُعتبر امتداداً للمرحلة السابقة. ومن أهم وأبرز شخصياتها: ـ أبو اليسر البزدوي (421ـ493هـ): هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبدالكريم، والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة، ولقب بالقاضي الصدر، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزدوي، ولد عام (421هـ). ـ تلقى العلم على يد أبيه، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي، وغيره، وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجبائي، والكعبي، والنّظام، وغيرهم، وقال فيها: "لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها؛ لكي لا تحدث الشكوك، وتوهن الاعتقاد"، ولا يرى نسبة الممسك إلى البدعة. كما اطلع على كتب الأشعري، وتعمق فيها، وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة أوجه الخطأ فيها، كما اطلع على كتابي (التأويلات)، و(التوحيد) للماتريدي فوجد في كتاب (التوحيد) قليل انغلاق وتطويل، وفي ترتيبه نوع تعسير، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب (أصول الدين). ـ أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جمٌّ غفير من التلاميذ؛ ومن أشهرهم: ولده القاضي أبو المعاني أحمد، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب (العقائد النسفية)، وغيرهما. ـ

توفي في بخارى في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. · مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية: (500ـ700هـ): وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية؛ ولذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة، ومن أهم أعيان هذه المرحلة: ـ أبو المعين النسفي (438ـ508هـ): وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي، والنسفي نسبة إلى نسف وهي مدينة كبيرة بين جيحون وسمرقند، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده، وله ألقاب عدة أشهرها: سيف الحق والدين. ـ ويعد من أشهر علماء الماتريدية، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه، أو كيفية تلقيه العلم، يقول الدكتور فتح الله خليف: "ويعتبر الإمام ! أبو المعين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة، ومن أهم كتبه (تبصرة الأدلة)، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب (التوحيد) للماتريدي، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق، وقد اختصره في كتابه (التمهيد)، وله أيضاً كتاب (بحر الكلام)، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية". ـ توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ثمانٍ وخمسمائة، وله سبعون سنة. ـ نجم الدين عمر النسفي (462ـ537هـ): هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل … بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي، وله ألقاب عدة أشهرها: نجم الدين، ولد في نسف سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربعمائة. ـ

كان من المكثرين من الشيوخ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم: أبو اليسر البزدوي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي. وأخذ عنه خلقٌ كثير، وله مؤلفات بلغت المائة، منها: (مجمع العلوم)، (التيسير في تفسير القرآن)، (النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري) وكتاب العقائد المشهورة بـ(العقائد النسفية) ، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر (لتبصرة الأدلة) لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له: "كان إماماً فاضلاً متقناً، صنَّف في كل نوع من التفسير والحديث.. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث، ولم يرزق فهمه". ـ توفي بسمرقند ليلة الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. · مرحلة التوسع والانتشار: (700ـ1300هـ): وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوجَ توسعها وانتشارها في هذه المرحلة؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت في: شرق الأرض، وغربها، وبلاد العرب، والعجم، والهند، والترك، وفارس، والروم. وبرز فيها أمثال: الكمال بن الهمام صاحب (المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة) ، والذي ما زال يدرَّس في بعض الجامعات الإسلامية. وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من: المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي على الشروح.

وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في: ـ مدرسة ديوبند و الندوية (1283هـ ـ …) وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية؛ إلا أنهم متصوفة محضة، وعند كثير منهم بدعٌ قبورية، كما يشهد عليهم كتابهم (المهنَّد على المفنَّد) لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة. ـ مدرسة البريلوي (1272هـ ـ…) نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفى (1340هـ) وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح، والدعوة إلى عبادة القبور، وشدة العداوة للديوبندية، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير أهل السنة. ـ مدرسة الكوثري ( 1296هـ ـ …) و تنسب إلى الشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم، وجعلهم مجسمة ومشبهة، وجعل كتب السلف ككتب: (التوحيد)، (الإبانة)، (الشريعة)، و(الصفات)، و(العلو)، وغيرها من كتب أئمة السنة، كتب وثنيةٍ وتجسيمٍ وتشبيهٍ، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل. انظر تعليقات الكوثري على كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي، وكتاب (مقالات الكوثري).   (11)


طباعة   البريد الإلكتروني