ابوالصلاح الحلبی

(وقت القراءة: 8 - 15 دقائق)

220px 2

أَبو الْصَّلاح الْحَلَبيّ، التقي بن نجم بن عبیدالله (۳۷۴-۴۴۷هـ/ ۹۸۴-۱۰۵۵م)، فقیه و متکلم إمامي شامي. ولد في حلب ویبدو أنه تعلّم هناک. و استناداً إلی ابن أبي طي فإنه سافر ۳ مرات إلی العراق وأفاد من مشایخ تلک البلاد. ولکن لما لم یکن قد ددرک مجلس الشیخ المفید، فالمظنون أن أسفاره تلک تمت بعدوفاة الشیخ المفید (۴۱۳هـ) (ظ: الذهبي، ۱۱/۴۰۴).

واستناداً إلی ماذکره الطوسي (رجال، ۴۵۷) فإن أبا الصلاح حضر ببغداد مجلس درس الشریف المرتضی (تـ ۴۳۶هـ)، ودرس علیه، وأفاد من الطوسي نفسه أیضاً رغم أنه لاینبغي أن تکون تلک الفائدة کبیرة. کما أن أبا الصلاح نفسه روی في تقریب المعارف (ص ۱۲۲) الحدیق عن شخص اسمه أبوالحسن محمد بن محمد (ربما یکون البصروي، تـ ۴۴۳هـ/ ۱۰۵۱م) بروایته عن الشیخ المفید. و إن اعتبار الطریحي (۳/۳۳۶) السلارَ الدیلمي (تـ ۴۶۳هـ) أحد مشایخ أبي الصلاح، یحتمل أن یکنون ناشئاً عن استنتاج خاطئ من کلام الشهید الأول بشدن تلامذة الشریف المرتضی (قا: الشهید الأول، «مذکرة»).

واستناداً إلی کلام ابن أبي طي فقد کان أبو الصلاح «عین علماء الشام» (الذهبي، ن.ص). وروي أن أهل حلب لما استفتوا الشریف المرتضی، أحالهم علی «الشیخ التقي» (أبوالصلاح) (الشهید الأول، ن.ص). واعتبره الطوسي – معاصره العراقي – عالماً ثقةً (رجال، ن.ص). وعدّه منتجب الدین الرازي فقیهاً عیناً وثقة (ص ۳۰). ومن متأخري الإمامیة دعاه الشهید الأول: «خلیفةَ المرتضی في العلم»، مما ورد فیما بعد علی لسان الشهید الثاني بشکل «خلیفة المرتضی في بلاد حلب»، مم یحمل علی الاعتقاد أن الشریف المرتضی کان قد عیّن أبا الصلاح نائباً عنه في حلب (ظ: الشهید الأول، «إجازة...»، ۱۹۸؛ الشهید الثاني، ۱۵۸-۱۵۹). کان لأي الصلاح إضافة إلی علمه بالفقه والکلام، علم بالطب أیضاً و ترک آثاراً في هذا المجال (ظ: قسم آثاره في هذه المقالة).

شهد خلا لشبابه مرحلة طویلة من الاضطراب السیاسي والاجتماعي التي تزامنت نسبیاً مع امتداد نفوذ الخلافة الفاطمینة في حلب، حیث بدأت مع اعتلاء صالح بن مرداس في ۴۱۴هـ سدة الحکم بحلب مرحلة جدیدة في تاریخ هذه المدینة. فقد کان المرداسیون منشغلین بشکل متواصل بالصراع مع الفاطمیین في الجنوب، وفي الشمال بالاعتداءات التي تقوم بها الدولة البیزنطیة بین الحین و الآخر. ویلاحظ انعکاس هذه الاضطرابات في کتابات أبي الصلاح أیضاً. ولیس معلوماً کیفیة تعامله بوصفه عالماً إمامیاً مع الأفکار و التعالیم الإسماعیلیة التي لقیت رواجاً في النصف الثاني من القرن ۴هـ/ ۱۰م في بیئة الشام إثر امتداد نفوذ الفاطمیین الإسماعیلیة بمصر (ظ: المقدسي، ۱۸۰)، وإلی أي حدّ کان عدائیاً، أم مسالماً؛ إلا أن حرب حکام حلب في مواجهة البیزنطیین من وجهة نظر الإمامیة بحلب لم یکن ینظر إلیها بوصفها حرباً بین حکومتین جائرتین، بل کما هو واضح في آثار أبي الصلاح فإن الحرب ضد الکفار الذین یهددون کیان الإسلام، حتی لوکانت في رکاب حاکم جائر، هي في حقیقتها نصر للإسلام و دفاع عن دار الإیمان و تعد واجباً (ظ: أبوالصلاح، الکافي، ۲۴۶-۲۴۷). وعلی أیة حال، فقد کان أبوالصلاح علی علاقة طیبة بالأمراء المرداسیین إلی الحد الذي ألف معه کتابه تدبیر الصحة باسم نصر بن صالح المرداسي. وبطبیعة الحال و کما یقول ابن أبي طي فإن أبا الصلاح في نفس الوقت الذي کان یتمتع فیه بالحرمة العظیمة و الجلالة، کان یعیش عیشة صلاح و زهد و تقشف زائد و قناعة (الذهبي، ن.ص).

کان لأبي الصلاح في حلب حلقة دراسیة یمکن أن نذکر من أهم خریجیها أبا الحسن ثابت بن أسلم الحلبي الذي حل محل أستاذه بعد وفاته (الطباخ، ۴/۱۹۸، نقلاً عن الذهبي). أما الآخر الذي نصادفه من بین تلامذته فهو القاضي عزالدین عبدالعزیز بن أبي کامل الطرابلسي الذي تعود إلیه أغلب أسانید روایة مؤلفات أبي الصلاح. و إذا کانت روایته عن أبي الصلاح من غیر واسطة، فیبدو أنه عمّر طویلاً، ذلک أنه استناداً لما نعلمه من تلامیذه یمکن اعتبار وفاته قد حدثت حوالي ۵۲۰-۵۳۰هـ. کماتحدث ابن میّسر عن کون القاضي الإمامي ابن أبي کامل حیاً في ۵۲۵هـ (ص ۷۴). ویمکن ملاحظة روایة ابن أبي کامل عن أبي الصالح في شتی أسانید الإمامیة مثل «إجازة» العلامة الحلي (ص ۷۰)، ورجال ابن داود (ص ۷-۸)، و«إجازة» ابن أبي الرضا (ص۱۶۰)، والأربعون للشهید الأول (ص ۷۶) و «إجازته» (ص۱۹۸).

ومن بین الذین تلقوا العلم من أبي الصلاح أو رووا عنه: معاصره العالم أبوالفتح الکراجکي، والقاضي عبدالعزیز ابن البراج الطرابلسي، وعبدالرحمان بن أحمد المفید النیسابوري، والشریف الداعي ابن زید الآوي، والتواب بن الحسن الخشاب البصري (منتجب الدین، ۳۰-۳۱؛ ابن حجر، ۵/۳۰۰، نقلاً عن ابن أبي طي؛ الحر العاملي، ۲/۴۶، ۲۹۸، ۳۰۳). واستناداً إلی ابن أبي روح فإن أبا الصلاح ذهب إلی الحج في آخر سنة من حیاته، وخلال عودته إلی وطنه، توفي بالرملة من فلسطین، ویری البعض أن وفاته کانت في حلب (ظ: الذهبي، ن.ص؛ ابن حجر، ۲/۷۱).

فقه أبي الصلاح

تظهر المقارنة بین آرائه المختلفة في شتی المسائل الفقهیة و بین آراء البغدادیین و خاصة الشریف المرتضی، وجود علاقة متینة بین فقهه والفقه البغدادي، و خاصة في المبادئ العامة کثبوت روایات الأئمة (ع عن طریق التواتر أو الإجماع، ووجهة نظره بهاتین المسألتین قریبة جداً من وجهة نظر الشریف المرتضی (ظ: الشریف المرتضی، الانتصار، ۶، الذریعة، البحوث ذات العلاقة بهذا الموضوع؛ قا: أبوالصلاح، الکافي، ۵۰۶-۵۰۷). ومع کل ذلک فإن اختلافه في التفاصیل مع الشریف المرتضی بلغ حداً أن انبری معه أبوالفتح الکراجکي في کتاب له بعنوان غایة الإنصاف في مسائل الخلاف، إلی تفنید آراء أبي الصلاح و الدفاع عن آراء الشریف المرتضی في تلک المسائل (ظ: النوري،۳/۴۹۸).

إن من مستلزمات الاعتقاد بثبوت أقوال الأئمة (ع) بالتواتر، القول بعدم حجیة خبر الواحد، وقد صرح أبوالصلاح اعتقاده بذلک أیضاً (ظ: ن.م، ۵۰۷، ۵۱۱). ومع ذلک فقد لوحظ في بعض المواضع أنه حکم بالوجوب في أمرٍ ما استناداً إلی خبر الواحد؛ فقد افتی مثلاً – خلافاً لفقهاء الإمامیة الآخرین – بوجوب الغسل بعد رؤیة شخص مصلوب (ظ: ن.م، ۱۳۵؛ العلامة الحلي، المختلف، ۱/۲۹)، وکان استناده في ذلک إلی خبر – حسب علمنا بالمصادر المتوفرة الیوم بین أیدینا – لم یرد إلا في آثار ابن بابویه (من لایحضره ...، ۱/۴۵، «الهدایة»، ۴۹) بشکل «رُوي» منغیر ذکر لسند، بل و حتی من غیر ذکر اسم المعصوم (ع) الذي روي عنه. بینما حمل – خلافاً لأغلب فقهاء الإمامیة – الروایات التي نهت عن تکفیر الیدین في الصلاة، علی الکراهة، ولم یعتبر ذلک مبطلاً للصلاة (ن.م، ۱۲۵؛ العلامة الحلي، ن.م، ۱/۱۰۰). وأبو الصلاح – کما هو متوقع – یعارض تماماً القیاس، وتثیر بعض آرائه المعارضة للقیاس أنظار الآخرین إلیه أحیاناً، مثل حکمه بوجوب نزح جمیع ماء البئر المتنجسة ببول الحیوان الحرام اللحم، لکي تصبح طاهرة (؟)، بنیما یکتفي في حالة نجاستها ببول الإنسان، بنزح ۳ إلی ۴۰ دلواً منها لتطهر (ن.م، ۱۳۰؛ العلامة الحلي، ن.م، ۱/۵).

وفي بیان الدحکام استخدم أبوالصلاح تعبیري المفروض و المسنون بدلاً من مصطلحي الواجب و المندوب، ولم یکن یهدف إطلاقاً إلی تقسیم الأعمال الواجبة إلی فریضة وسنة، مما هو مستخدم في کلام بعض الفقهاء (ظ: ن.م، مخـ). وفي کثیر من المواضع خلال بیانه آداب أحد الأفعال یقدّم توصیات یصعب أحیاناً تحدید مایکون هو الواجب لدیه منها و ما لامستحب، بشکل أدی إلی أن یصرح ناقدو آرائه بهذه الصعوبة (مثلاً ظ: العلامة الحلي، ن.م، ۱/۴۲). وکمثال علی ذلک فإن الشروط التي یضعها لعقد زواج المتعة – والتي لایعتبر ذکرها ضمن العقد شرطاً في فقه الإمامیة – کانت موضع نقد من قبل الطوسي دون أن یذکر اسم أبي الصلاح (ظ: الکافي، ۲۹۸-۲۹۹؛ قا: الطوسي، «النهایة»، ۳۵۶). ومن فتاوی أبي الصلاح الغریبة الأخری التي یشار إلیها بعبارات مترددة وکانت موضع نقد الآخرین، حکمه بکفر ووجوب قتل من یشرب الفقاع متسحلّاً له. بینما الحقیقة هي أن تحریم الفقاع من الأمور المختلف فیها بین المذاهب الفقهیة (ظ: الکافي، ۴۱۳؛ قا: العلامة الحلي، ن.م، ۵/۲۱۵).

ولأبي الصلاح في القضایا الاجتماعیة آراء ملفتة للنظر و متمیزة، فیشأن صلاة الجمعة و في حالة وجود إمکانیة لإقامتها في زمن الغیبة، حکم بضرورة إقامتها (ن.م، ۱۵۱ ومابعدها؛ العلامة الحلي، ن.م، ۱/۱۰۸- ۱۰۹). وفي موضوع الحقوق الشرعیة التي ینبغي صرفها في مواردها بواسطة إمام العصر (علی حد تعبره: سلطان الإسلام)، یری أنها تعطی في زمن غیبة الإمام، إلی «فقیه أمین» هو نائبه ۰ن.م، ۱۷۲). وبصورة عامة فإن أبا الصلاح باستخدامه عبارة نائب الإمام أو نائب ولي الأمر، یری أن من حق الفقیه الجامع للشروط في حالة غیبة الإمام لبس الفصل بالأمور القضائیة فحسب، بل في القضایا الحکومیة أیضاً مثل إقامة الحدود (ن.م، ۴۲۱-۴۲۳). ویری أن قبول الفقیه الجامع للشروط المناصبّ القضائیة والحکومیة المختلفة التي یقلدها إیاه السلطان الجائر، وبهدف إحقاق حقوق المؤمنین و تنفیذ الدحکام الإلهیة. أمراً مشروعاً، بل واجباً. ووجهة النظر هذه کانت قد طرحت من قبل الشریف المرتضی أیضاً بشکل أکثر تحدیداً (الکافي، ن.ص؛ الشریف المرتضی، «مسألة»، ۸۹-۹۷).

آثاره

کان من أوائل آثار أبي الصلاح کتابان هما العمدة و التلخیص، وکلاهما في الفقه، وقد کان یحیل إلیهما مراراً في آثاره اللاحقة (ظ: «البرهان»، ۵۴، تقریب ...، ۷۸، ۲۲۱، الکافي، ۵۱۰؛ أیضاً ظ: الذهبي، ن.ص). ثم انبری بعد ذلک لتألیف تقریب المعارف والکافي والبرهان علی التوالي (للتسلسل، ظ: الکافي، ۴۶۶، مخـ، «البرهان»، ن.ص). ومن آثاره التي کان قد ألفها قبل الکافي، یمکن ذکر المسألة الشافیة و المسألة الکافیة (الکافي، ۵۱۰). وفي القائمتین اللتین أورد فیهما ابن شهرآشوب وابن أبي طي مؤلفات ابن الصلاح ترد أسماء اثار مثل البدایة في الفقه، و شرح الذخیرة للشریف المرتضی في الکلام، والمرشد إلی طریق التعبّد، وتدبیر الصحة، وشُبَه الملاحدة، في الرد علی الملحدین (ابن شهرآشوب، ۲۹؛ الذهبي، ن.ص). أما کتاب مختصر أبي الصلاح الذي تحدث الشهید الأول عن شهرته في حلب و نقل عنه ابن طاووس موضوعاً و سماه مختصر الفرائض الشرعیة (الشیهد الأول، «مذکرة»؛ ابن طاووس، ۲۴۸)، فلایحتمل أن یکون سوی الکافي، ذلک أن الکافي هو مؤلَّف أبي الصلاح الفقهي الوحید الذي لقي رواجه ثباتاً في القرون اللاحقة، هذا من جهة، ومن جهة أخری فإن الموضوع المنقول في فتح الأبواب لابن طاووس یشاهد أیضاً في الکافي (ص ۱۶۲). وقد نسب لأبي الصلاح في بعض المصادر المتأخرة أثر بعنوان المعراج في الحدیث (ظ: الخوانساري، ۲/۱۱۳)، مما لایتوفر دلیل علی تأیید صحة نسبته إلیه.

وآثار أبي الصلاح الموجودة هي:

۱. الکافي. وهذا الکتاب الذي اسمه الکامل هو الکافي في التکلیف (ظ: أبوالصلاح، «البرهان»، ۵۴)، رغم أنه عرف بوصفه کتاباً فقهیاً، لکن الحقیقة هي أن موضوع الکتاب هو التکلیف الإلهي سواء العقلي، أو الشرعي (بحسب مصطلح المؤلف). ورغم أنه یلاحظ شبیه هذا التقسیم في کتاب المؤلف الآخر تقریب المعارف أیضاً، إلا أن المؤلف في الکافي – علی العکس مما هو في التقریب – اتخذ من التکلیف الشرعي، أي البحوث الفقهیة أساساً لکتابه، ثم أورد البحوث الاعتقادیة بشکل موجز بوصفها مقدمة للبحوث الفقهیة. وفي المقارنة بین التبویب في الکافي و آثار الإمامیة المتقدمین – بحدود ما هو متوفر من المصادر – لایمکن العثور علی نموذج – خاصة في قسم العبادات – یمکنه أن یکون نموذج أبي الصلاح في ترتیبه کتابه. و بطبیعة الحال فإنه یمکن وإلی حدّما وجود انسجام في هذا الباب بین الکافي لأبي الصلاح و دعائم الإسلام للقاضي النعمان الفقیه الإسماعیلي (تـ ۳۶۳هـ) (ظ: دعائم...، الفهرست؛ وکدلیل علی تداول الدعائم بین فقهاء الإمامیة في الشام آنذاک، ظ: النوري، ۳/۴۹۷، نقلاً عن «فهرست مصنفات الکراجکي»).

وأسلوب طرح المسائل في کتاب الکافي هو أسلوب خاص بین الآثار الفقهیة لمتقدمي الإمامیة. فذکر الفروع المختلفة للمسألة مرقمةً بشکل مختصر، ثم تفصیل تلک الفروع کلاً علی حدة من الأمور البارزة في أسلوب تألیف الکافي.وقد فصل المؤلف البحوث المتنوعة من مفروض و مسنون و حرام و مکروه و غیر ذلک، عن قعضها وانبری للبحث بشأنکل واحد منها بشکل منفصل. وفي عناوین الموضوعات، کان ینبري قبل دخوله في التفاصیل إلی الحدیث عن الموضوع بصورة عامة و یقدم تعریفاً له أحیاناً. ویمکن ملاحظة هذا الأسلوب منالتألیف بشکل أکثر کمالاً في أواخر القرن ۵هـ، أوأوائل القرن ۶ هـ في الوسیلة لابن حمزة. وربما کان ابن حمزة خلال تألیفه الوسیلة، یحاکي کتاب أبي الصلاح (ظ: ن.د، ابن حمزة، عمادالدین).

أما حول انتشار و تداول الکافي لأبي الصلاح فینبغي القول إنه یوجد في الاثار الفقهیة للقرن۵ هـ، وبشکل متناثر مایعزز الاحتمال بأن هذا الکتاب قد وقع بین أیدي مؤلفي کتب الفقه الإمامیة في الشام و العراق. ومن هؤلاء الطوسي في النهایة، أول مؤلفاته («النهایة»، ن.ص)، فعندما تحدث عن شروط العقد في زواج المتعة، یبدو أنه کان یهدف إلی کلام أبي الصلاح الوارد في الکافي (ص ۲۹۸). کما أن کلام القاضي ابن البراج (تـ ۴۸۱هـ) في مواضع مختلفة من المهذب، قریب من حیث المضمون من الکافي، بحیث تتطابق عبارات هذین الکتابین أحیاناً (مثلاً قا: ابن البراج، ۱/۱۸، ۲۱-۲۲، علی التوالي بـ الکافي، ۱۱۳، ۱۳۰).

وفي القرن ۶هـ أشار إلی الکافي المفهرسان البارزان ابن شهرآشوب في معالم العلماء (ص ۲۹)، ومنتجب الدین في لافهرست (ص ۲۰). کما انبری الفقیه الإمامي ابن إدریس في مواضع مختلفة من السرائر إلی ذکر اراء أبي الصلاح، مع ماعُرف عنه من عدم اقتناعه بسهولة، واعتیر کتاب الکافي کتاباً حسناً ومعتمداً (ظ: ابن إدریس، ۲۶۷، مخـ). کما أن المقارنة بین مضامین الغنیة لابن زهرة فقیه حلب و الکافي، تدل علی أنه کان یتخذ من هذا الکتاب مصدراً رئیساً له خلال تألیفه کتابه (مثلاً ظ: الکافي، ۱۰۹-۱۱۴، ۱۸۷-۱۸۸، ۲۹۵؛ قا: ابن زهرة، ۵۴۹، ۵۷۲، ۶۱۰). وفي القرن ۷ هـ أیضاً أورد ابن أبي طي مؤرخ حلب کتاب الکافي في مقدمة آثار أبي الصلاح (الذهبي، ن.ص). وقد اهتم فقهاء مدرسة الحلة کالمحقق الحلي في المعتبر (ص ۸، مخـ)، والآبي في کشف الرموز (۱/۴۰، مخـ)، ویحیی بن سعید الحلي في نزهة الناظر (ص ۷، مخـ)، والعلامة الحلي في المختلف (۱/۵، مخـ)، بآرائه علی نطاق واسع.

۲. تقریب المعارف، في الکلام. یبدو أن هذا الکتاب کان متأثراً – وخاصة في مسائل العدل – بکتاب الذخیرة للشریف المرتضی، وقد سعی المؤلف من خلال تلخیصه البحوث إلی أن یضیف أموراً إلی مضامین الذخیرة. وتلاحظ تلک الإضافات خاصةً عند المقارنة بین تعریفات الشریف المرتضی وأبي الصلاح (مثلاً قا: الشریف المرتضی، الذخیرة، ۲۶۱، ۲۶۷، ۲۷۴، علی التوالي، بما في التقریب، ۹۲، ۹۳، ۹۴). وفي القسم المخصص لمسائل الإمامة أیضاً فإن التقارب واضح بشکل کبیر بین تقریب المعارف لأبي الصلاح و الشافي للشریف المرتضی، رغم أن القسم المتعلق بإمامة المهدي (ع) یمکن أن یکون متأثراً بکمال الدین لابن بابویه و الغیبة للنعاماني، إلا أنه علی أیة حال، یلاحظ هذا الترکیب نفسه في الغیبة للطوسي الذي ألف بعد سنوات من هذا التاریخ.

۳. البرهان علی ثبوت الإیمان، الذي لم یشر إلیه في قوائم آثار أبي الصلاح، إلا أنه یوجد في نصه مایبرهن علی صحة نسبته إلیه. وقعت نسخة منه في القرن ۸ هـ بید الحسن بن أبي الحسن الدیلمي، وقد حفظت حتی یومنا هذا من خلال نقله النص الکامل للکتاب في أعلام الدین. انبری أبوالصلاح في هذا المؤلف الموجز لبحوث التوحید والعدل، وفضل القول في أمور اعتبر الاعتقاد بها مؤدیاً إلی النجاة و عدم الاعتقاد إلی الکفر (ظ: «البرهان»، ۵۸).

المصادر

الآبي، الحسن، کشف الرموز، قم، ۱۴۰۸هـ؛ ابنأبي الرضا، محمد، «الإجازة الکبیرة»، مع بحارالأنوار، بیروت، ۱۴۰۳هـ/۱۹۸۳م، ج ۱۰۴؛ ابن إدریس، محمد، السرائر، طهران، ۱۲۷۰هـ؛ ابن بابویه، محمد، من لایحضره الفقیه، تقـ: حسن الموسوي الخرسان، النجف، ۱۳۷۶هـ؛ م.ن، «الهدایة»، مع الجوامع الفقهیة، طهران، ۱۲۷۶هـ؛ ابن البراج، عبدالعزیز، المهذب، قم، ۱۴۰۶هـ؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، لسان المیزان، حیدرآباد الدکن، ۱۳۲۹-۱۳۳۱هـ؛ ابن داود الحلي، الحسن، الرجال، تقـ: جلال‌الدین محدث، طهران، ۱۳۸۳هـ؛ ابن زهرة، حمزة، «غنیة النزوع»، مع الجوامع الفقهیة، طهران، ۱۲۷۶هـ؛ ابن شهرآشوب، محمد، معالم العلماء، النجف، ۱۳۸۰هـ/۱۹۶۱م؛ ابن طاووس، علي، فتح الأبواب، تقـ: حامد الخفاف، قم ۱۴۰۹هـ؛ ابن میسر، محمد، أخبار مصر، تقـ: هنري ماسیه، القاهرة، ۱۹۱۹م؛ أبوالصلاح الحلبي، التقي، «البرهان»، مع أعلام الدین للدیلمي، قم، ۱۴۰۸هـ؛ م.ن، تقریب المعارف، تقـ: رضا أستادي، قم، ۱۴۰۴هـ؛ م.ن، الکافي، تقـ: رضا أسنادي، أصفهان، ۱۴۰۳هـ؛ الحر العاملي، محمد، أمل الآمل، تقـ: أحمد الحسیني، بغداد، ۱۳۸۵هـ؛ الخوانساري، محمدباقر، روضات الجنات، طهران، ۱۳۸۲هـ/۱۹۶۲م؛ الذهبي، محمد، تاریخ الإسلام، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ الشریف المرتضی، علي، الانتصار، النجف، ۱۳۹۱هـ/۱۹۷۱م؛ م.ن، الذخیرة، تقـ: أحمد الحسیني، قم، ۱۴۱۱هـ؛ م.ن، الذریعة، تقـ: أبوالقاسم گرجي، طهران، ۱۳۴۸ش؛ م.ن، «مسألة في العمل مع السلطان»، مع رسائل الشریف المرتضی، قم، ۱۴۰۵هـ، المجموعة الثانیة؛ الشهید الأول، محمد، «إجازة للشیخ شمس‌الدین»، مع بحار الأنوار للمجلسي، بیروت، ۱۴۰۳هـ/۱۹۸۳م، ج ۱۰۴؛ م.ن، الأربعون حدیثاً، قم، ۱۴۰۷هـ؛ م.ن، «مذکرة»، في نهایة فهرست الطوسي، مخطوطة مکتبة ملک، رقم ۲۸۲۲؛ الشهید الثاني، زین الدین، «إجازة لوالد الشیخ البهائي»، مع بحار الأنوار للمجلسي، بیروت، ۱۴۰۳هـ/۱۹۸۳م، ج ۱۰۵؛ الطباخ، محمد راغب، أعلام النبلاء، حلب، ۱۳۴۳هـ/ ۱۹۲۵م؛ الطریحي، فخرالدین، مجمع البحرین، تقـ: أحمد الحسیني، النجف، ۱۳۸۶هـ؛ الطوسي، محمد، رجال، تقـ: محمدصادق بحرالعلوم، النجف، ۱۳۸۱هـ/۱۹۶۱م؛ م.ن، «النهایة»، مع الجوامع الفقهیة، طهران، ۱۲۷۶هـ؛ العلامة الحلي، الحسن، «الإجازة الکبیرة»، مع بحار الأنوار للمجلسي، بیروت، ۱۴۰۳هـ/۱۹۸۳م، ج ۱۰۴؛ م.ن، المختلف، طهران، ۱۳۲۴هـ؛ القاضي النعمان، دعائم الإسلام، تقـ: آصف فیضي، القاهرة، ۱۳۸۵هـ/۱۹۶۵م؛ المحقق الحلي، جعفر، المعتبر، طهران، ۱۳۱۸هـ؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، ۱۹۰۶م؛ منتجب الدین، علي، فهرست أسماء علماء الشیعة، تقـ: عبدالعزیز الطباطبائي، قم، ۱۴۰۴هـ؛ النوري، حسین، مستدرک الوسائل، طهران، ۱۳۸۲هـ/۱۹۶۲م؛ یحیی بن سعید الحلي، نزهة الناظر. تقـ: أحمد الحسیني ونورالدین الواعظي، النجف، ۱۳۸۶هـ.


طباعة   البريد الإلكتروني